تؤكد العديد من المقاربات الفكرية والمعرفية التي تم إنتاجها في السنين العشر الأخيرة إلى مركزية وطِغيان موقع المعلومات والمعرفة، سواءً في مجال التطور الاقتصادي ام السوسيولوجي، مما حدا بالقول من ان المعرفة (أي المعلومات الدقيقة) أصبحت اليوم فاعلاً اقتصادياً أساسيا قبل أن تكن بطبيعة الحال ثقافية ام قنوات في التأثير المحظ.
فلم تعد المعلومات ولااستخدامها بسياق تنظيمي (عفوية) ولاامراً متروكاً للصدفة، بل غدت مناراً تكشف السبل وتهدي الى الطرق القويمة وتساعد في مرحلة، ابرز خصائصها التقلب والاضطراب والصراع والاتصال.
وتتفق معظم الآراء من أن المجتمعات الحديثة (مجتمعات المعرفة المجهزة) ليس فيها فقط أخطبوط الهيمنة والإتاحة المادية، بل غدت بيئة مهيأة للخلق والابتكار الموظف في بناء المجتمع ثقافياً وتعليمياً وفي إدماج نمو التنمية بالمعلومات.
ويؤكد المختصون في مجال المعلومات الاجتماعية من أن القدرة على التجديد هي رهينة التحكم في المعلومات وحسن توظيفها وسهولة الوصول لها، فمجتمع المعرفة والمعلومات إذن هو (( حالة من الامتياز الفكري والمعرفي والتقني ومن التقدم العلمي والإعلامي ))، كذلك وصف على انه الثورة المتعددة المعاني والاتجاهات .
ولكن ماالتاثيرات التي الممكنة في مجال تكنولوجيا الاتصال والإعلام؟
لابد من الإشارة إلى التفاوت الكبير في بنوك المعلومات وطرق الإفادة منها، مما جعل الخارطة الإعلامية في العالم تبدو لامتوازنة وتميل الى مشهداً مفاده (البعض يبتلع الكل) من خلال الهيمنة والتسلط بعضه تقني والآخر يتعلق بالخبرة ودرجة الحريات الإعلامية وارتفاع مستوى التعليم .وينعكس هذا التفاوت بطبيعة الحال على سرعة الوصول إلى المعلومات اولاً وتوظيفها في الوقت المناسب ثانياً.
ولعل من نافلة القول أن نذكر من أن التشبث بالطرق التقليدية التي ربما بمنظور معين على إنها خصوصية مقدسة او دائمة او مؤثرة من وجهة نظر أحادية، فهناك واقع كوني ملموس، يقترب من أن يكون الفرد المتلقي ( كونياً )، وليس بالضرورة ان نعتقد بأننا نجذبة بتلك الطرق او الأساليب او الهوية.
من هنا ارتبطت مهمات رجال الإعلام وقنواته ( في الدول النامية ) بمفترق طرق مختلفة تتربعها مجالات الحريات السياسية، التشريعات الإعلامية، والأخرى متعلقة بتوظيف الإمكانات المادية التي ترصد ( كتمويل للمشروعات الإعلامية ) ومستويات الجمهور ..الخ
والحقيقة الماثلة لنا تؤكد تباين الإمكانات على ما يمكن تسميته ( فجوة المعرفة ) والتي تعترض سير عمليات تداول المعلومات بشكل عام، ومعطيات الإعلام بشكل خاص، بين ثنايا المجتمع، فلا تزال بعض الصحف ووسائل الإعلام المحلية تنظر إلى المتلقي نظرة ( السجين السابق ) الذي لا يتعرض الى قناته، وهي تسير بهذا الافتراض لاغيةً الفهم الحقيقي والواقعي الذي تسير بها عمليات التعرض إلى وسائل الإعلام المختلفة، فضائية ام أخرى مسموعة ام مقرؤءة من وجهة النظر الخاصة أرى من المفيد ان تُراجع الملفات الإعلامية بشكل شامل ومعمق، وعلى أساس تفهم جملة من اعتبارات التغيير منها: الحتمية التقنية، وشيوع الديمقراطية وحق الإنسان بحرية تداول المعلومات، وإخضاع العمل الإعلامي للسلوك العلمي الميداني .