حركة خارج السرب | ما العنصرية؟
ما العنصرية؟
2019-07-16 | 1630 مشاهدة
رامون غروسفوغل ، العياشي الحبوش
مقالات

العنصرية هي التسلسل الهرمي المعولم من التفوق والدونية على خط ترسيم اإلنسان الذي تم إنتاجه وأعيد إنتاجه سياسيا وثقافيا واقتصاديا على مدى قرون من لدن مؤسسات »التمركز الغربي األبوي/الرأسمالي- التمركز المسيحي/الحداثي/ االستعماري« )2011, Grosfoguel .) ويتم تصنيف شعوبفوق خط اإلنسان على أساس إنسانيتهم كبشر، وبالتالي يتمتعون بالحصول على الحقوق ) حقوق اإلنسان،والحقوق المدنية، وحقوق المرأة، و/ أو حقوق العمال(، والموارد المادية، وكل أشكال االعتراف االجتماعي
كالخصوصيات والهويات والمعارف والروحانيات. أما الشعب الموجود تحت خط اإلنسان، فيعد دون البشرأو ليس ببشر، وهذا يعني أن إنسانيتهم توجد موضع شك وعلى هذا النحو تم إبطالها )1967 Fanon .)وفي الحالة األخيرة، يتم رفض توسيع الحقوق والموارد المادية لتلك الشعوب وكذا االعتراف بخصوصياتها
وهوياتها ونظمها المعرفية وروحانياتها.
إن هذا التعريف للعنصرية يسمح لنا بأن نتصور أشكاال متنوعة من العنصرية تجنبا عديدا من التعريفات االختزالية الموجودة. اعتمادا على التواريخ االستعمارية المختلفة في مناطق متنوعة من العالم، يمكن بناء التسلسل الهرمي القائم على ثنائية التفوق/الدونية على طول خط اإلنسان من خالل عالمات عرقية 
متنوعة، ويمكن تمييز العنصرية باللون والعرق واللغة والثقافة و/ أو الدين.

وعلى الرغم من أن العنصرية القائمة على اللون مند العصور االستعمارية كانت هي العالمة المهيمنة المحددة للعنصرية في معظم أنحاء العالم، فإنها ليست الشكل الوحيد والحصري للعنصرية.
ففي عديد من المناسبات، نخلط بين العالمة االجتماعية الخاصة/ الملموسة للعنصرية في منطقة واحدة من العالم مع ما يمكن عده الشكل الحصري، أو التعريف الكوني للعنصرية. وقد خلق هذا كما هائال من اإلشكاالت المفاهيمية والنظرية، فإذا ما قمنا بإسقاط الشكل )/العالمة( االجتماعي الذي تتبناه العنصرية
في المنطقة أو البلد الذي تمت فيه تنشئتنا االجتماعية )على سبيل المثال العنصرية على مستوى اللون( لنجعل منه مرادفا للتعريف الكوني للعنصرية، عندئذ نفقد نظرنا إلى العالمات العنصرية المتنوعة التي ليست بالضرورة هي نفسها في مناطق أخرى من العالم. إن مشكلة أخذ عالمة عنصرية معينة كتعريف
للعنصرية تقودنا إلى استنتاج زائف مفاده أن العنصرية ال توجد في أجزاء أخرى من العالم، ما دام شكل وسم العنصرية في منطقة ما أو بلد معين ال يتطابق مع شكل ”الحس المشترك“ لوسمها في بلدك الخاص. يشكل هذا المثال جزءا من ”القومية المنهجية“ التي تحجب الفهم األوسع والنسقي المنتظم عالميا لمشكل
الحداثة واالستعمار كشكل من أشكال العنصرية.


العنصرية هي التسلسل الهرمي من التفوق والدونية على طول خط اإلنسان. ويمكن بناء هذه التراتبية وتمييزها بطرق مختلفة. إن النخب المتغربة من العالم الثالث )اإلفريقي واآلسيوي أو األمريكي الالتيني( تعيد إنتاج ممارسات عنصرية ضد الجماعات العرقية /ااٍلثنية، حيث يمكن، حسب التاريخ المحلي/ االستعماري،
ّذين يعدون أقل شانا تحت خط اإلنسان بواسطة حدود الدين، والهوية العرقية والثقافة تعريف وتحديد أولئك ال واللون.
في التاريخ االستعماري إليرلندا، بنى البريطانيون تفوقهم العرقي على اإليرلنديين، ليس من خالل لون البشرة، ولكن من خالل عالمة دينية. فعندما يشترك المستعمر والمستعمر في لون البشرة نفسها، يجب بناء عالمة التفوق/الدونية على طول خط اإلنسان مع عالمة مختلفة تذهب أبعد من مجرد العنصرية
القائمة على اللون. ما بدا للوهلة األولى أنه صراع ديني، بين البروتستانت والكاثوليك، كان في الواقع نزاعا عرقيا/ استعماريا.

يمكن قول الشيء نفسه حول الخوف من اإلسالم في أوروبا والواليات المتحدة األمريكية اليوم، إذ تشكل الهوية الدينية اإلسالمية اليوم إحدى أبرز عالمات التفوق/الدونية على طول خط اإلنسان، حيث تم بناء صورة المسلمين في أمريكا الشمالية وأوروبا اليوم على كونهم ”برابرة“، و“متخلفين“، و“غيرمتحضرين“، و“عنيفين“ و“إرهابيين“، و“مسيئين لألطفال والنساء والمثليين والسحاقيات“، وبالتالي غير قادرين على التكيف مع القيم األوروبية. لقد قلت ”أحد أبرز العالمات“ ألنه في هاتين المنطقتين من العالم، ال تزال العنصرية القائمة على اللون ذات أهمية كبيرة، وتتشابك بطرق معقدة مع العنصرية القائمة على
الدين. في حين يتسم التسلسل الهرمي العرقي/ااٍلثني للتفوق/ الدونية بعالمة لون البشرة في مناطق كثيرة من انه، في مناطق أخرى، يتميز بهوية عرقية أو لغوية أو دينية أو ثقافية.العالم،

يتم فرض العنصرية من خالل وسم وتوصيف األجساد، فبعض األجساد تفرض على أنها متفوقة عرقيا، بينما يتم فرض تنشئة أجساد أخرى على أنها دونية عرقيا. والنقطة المهمة هنا، أن هؤالء الناس الذين يقعون فوق خط اإلنسان، كونهم متفوقين، يعيشون، في ما يسميه الفالسفة الألفروكاربيين
ٍعتمدوا على عمل ”فانون“، بمنطقة الوجود، بينما يعيش الناس، الذين يوجدون في الجانب ألدنى من خط ترسيم اإلنسان، في منطقة عدم الوجود.

 

عن مؤسسة مؤمنون بلا حدود