دعك عزيزي القارئ من المحاولة بتعريف الحياة فهي تعرف حسب مستوى الوعي الذي تعيشه فمثلا مفهومها لدى المعلم الروحي كبوذا ليس كمفهومها لدى العقلانيين أو الفلاسفة وما بالك بالأشخاص العاديين مثلنا، أما مقالي هذا فسيشمل نبذة من حياتي والتي كانت عالقة في قاع مستوى وعي الخوف هو خوف إن صح القول من الموت, قد يبدو مضحكا في بعض تفاصيله لكن حرصت على جعله مسليا و غنيا ببعض المعلومات القيمة من هنا و هناك, أما بالنسبة لمن تمنى ولو حصل معهم نفس الشيء فأبشرك بمستوى وعي أدنى أي أسى, لامبالاة, ذنب, أو عار حسب مقياس هاوكينز للوعي.
أما سبب التسمية فلها علاقة بتفاصيل القصة وهنا أقصد باللوغاريتم العشري وكما هو معرف بأنه الوظيفة المستمرة التي تحول منتج ما إلى مجموع وهو يستحق واحد من عشرة وفيه نجد أن لوغاريتم القيمة واحد هو الصفر وهنا قد مثلت القيمة واحد بالحياة أما القيمة الصفر فهي الموت وبالتالي لوغاريتم الحياة هو الموت كعلاقة رياضية ولها ارتباط وطيد بالزمن إذ أن العلاقة تتحقق ليلا بالنسبة للعبد لله صاحب المقال حين يأوي إلى فراشه للنوم, وكأن قائلا يقول له ما الفائدة من تخطيطاتك و أحلامك بالنهار فالموت ليلا لا محالة ساحبا معه شعورا رهيبا بالخوف والارتعاش وارتفاع فضيع في دقات القلب والادرينالين أما القدمان فأكاد لا أستشعرهما تماما, فما الحل ومن المنقذ يا رب بالطبع لا أكون جاهزا للرحيل وذلك لسبب قلة ذنوبي طبعا ههه, أما الطامة الكبرى فأنا أعيش بمفردي و الظرف ليلا إذا ساءت الأمور أكثر من ينقلني إلى المستشفى, والغريب في الامر أنه أنداك يتكون لدي اعتقاد يكاد يصبح يقينا بأنه لو عرضت حالتي على الطبيب فلن يكلف الأمر سوى عقارا مهدئا او شيئا من هذا القبيل لكنني سأموت ناقص قدر بسبب تفاقم الأمر.
قبلت فكرة عرض الأمر على الطبيب النفسي وكنت جريئا لأني لست أحمق كي أزوره فما كان منه إلا عقاقير هلوسة ومهدئات وحين سألته عن المدة أجاب سنة فما فوق فإذا بنفس اليقين الذي كان يراودني ليلا قائلا بأنني سأشفى إذا عرضت على الطبيب ينتابني مرة أخرى لكنه غير أقواله وقال لي بأن هذا الطبيب مريض نفسيا وحالته أسوء مما لدي, إذ لم يسألني كما هو متوقع من ذوي هؤلاء عن تفاصيل حياتي ونشأتي لأنه بارع حقا سألني ما بك قلت خوف قال اكتئاب وأخرج الورق والقلم كاتبا الوصفة العجيبة، خرجت حائرا كيف سأرد عليه الصفعة فقلت من زبناء هؤلاء الفئة هم الحمقى وأنى منصوب علي بتكاليف هذه المقابلة العظيمة, كان أمام العيادة تلك متجر لأواني المنزل اشتريت فنجانا كبيرا ورجعت إلى الطبيب ذاك وقلت له هذا لك لتشرب فيه اللويزة و تهدأ وبعدها تحدد لنا لقاءا ثانيا هكذا انتهت قصتي مع هذا الطبيب مع العلم أنه استدعاني هاتفيا مرة وكنت لم أسجل رقمه لدى أجبته.
بعدها بدأت أبحث عن سبب هذا الخوف فوجدت أن الصدمة كانت منذ زمن بعيد وأنا في الخامسة من عمري كنت قد سمعت كلمة موت وكان لها صدى قوي بداخلي سألت الوالدة عن ماهيتها فأجابت كالطبيب ذاك, أي أجابت عن سؤال آخر قالت لي أنت يا بني لن تموت فقط الناس السوء من يموتون اعتزلتها أنداك غير مقتنع بالفكرة محاولا فهم أمر الموت لكن لانعدام التجربة وقلة المعرفة لم أستطع الوصول الى الجواب, رجعت للوالدة وكانت تحضر الخبز موقدة الفرن وما كان مني سوى ان أدخلت يدي فيه صارخا يا موت أين أنت فاحترقت, حينها كنت شجاعا و جريئا محاولا مقابلتها طلبا في الجواب, أما بعدها بسنين عدة فكنت لا أستطيع حتى ان أردد الكلمة, ظل الخوف لأربع سنوات تقريبا وكل مرة يتخذ شكلا مختلفا مع المحافظة على التوقيت ليلا خلال النوم إلى أن أصبحت بارعا في اختراع الاحداث.
إلى أن جاء الفرج بفضل الله وقرأت كتابان لهاوكينز هما القوة مقابل الاكراه والسماح بالرحيل فبدأت أتعلم ممارسة التسليم والسماح برحيل الخوف فتضاعفت حظوظي في الحياة خصوصا حين قال هاوكينز من الممكن إحداث قفزة هائلة ومباشرة من مستوى وعي الخوف إلى الحب، ومضى زمن على الامر.
اختم مقالي بالجانب الإيجابي الذي أشرت إليه في المقدمة وهو أننا كلنا كنا ضحايا لأفكار ومعتقدات أباء أو محيط أو مجتمع عن قصد أو عدم, إذن يجب استحضار تلك الأفكار المقصود بالسلبية منها ومسامحة مرتكبيها و عكسها إلى أفكار إيجابية وزرع أفكار إيجابية جديدة في حياتك مع الشعور بالامتنان والاستحقاق تجاهها, و إن بدت لك مستحيلة حاليا فحتما ستحصل مستقبلا, كما ان اللحظة التي نعيشها الان هي فقط التي لدينا وهي فقط الوقت الوحيد الذي لديك التحكم به إذا لم نختار الشعور بشيء جيد في هذه اللحظة فكيف لنا أن نصنع لحظات مستقبلية مرحة و وافرة؟ لهذا استمتع باستحضار تلك الأفكار الإيجابية السعيدة لأنه لا شخص ولا مكان أو أي شيء لديه التحكم في مشاعرك لأنهم لا يفكرون بعقلك لهذا ليس لديك التحكم بالأخرين لأنه لا يمكنك التحكم بأفكارهم، لا أحد يمكنه التحكم بشخص آخر إلا إذا أعطاه تصريحا بذلك، ما تختار أن تفكر به هو ما ستحصل عليه في الحياة، التفكير في هذا النوع من الأفكار مثلا {الحب، السعادة، الامتنان...} هو طريقة لحب ذاتك وحب الذات يصنع المعجزات في الحياة. كما أود أيضا أن أقترح عليك بألا تشارك تلك الأفكار الإيجابية مع الاخرين خصوصا إذا كنت في مرحلة البداية وأن تبقيها لنفسك حتى تتحقق بعدها سيسألونك عن سبب التقدم حينها فقط يمكنك الجواب.
فقط كإشارة عن مصطلح الحب الوارد هنا فهو ليس المشار إليه إعلاميا أو المتداول عند العامة أي ذاك الشعور العاطفي المزيج من الانجذاب الجسدي والرغبة بالتملك والسيطرة وهذا ما هو إلا إدمان وشعور بالإثارة الجنسية والميل للطرف الاخر وغالبا ما يكون شعورا متذبذبا يزول بعد فترة من الزمن عندما يعترضه مشكل ما ويوضعه على المحك فيظهر غضب عارم ثم يحوله إلى كراهية بكل بساطة, أما حبنا هنا فهو بعيد كل البعد عن الشعور والعاطفة والتعلق وإنما يتخطى الحواس والأماكن ويركز على كل ما هو خير في الحياة وينمي كل ما هو إيجابي ويعالج السلبية بدلا من مهاجمتها وهذا هو مستوى السعادة الحقيقية لكن قلة من الناس من يبلغونه ومن يبلغ الحب الغير المشروط هم %0,4 فقط على قول الدكتور هاوكينز.
من منا لا يحب أن يرى الضوء الأخضر على الطريق وهو يقود مع أن هذا الامر ليس شيئا كبيرا في الكون لكن من الجيد أن تراه لذا فامنح نفسك تلك الإشارة وامضي قدما واعلم أنك ما دمت متمسكا بالماضي فلن تكون في الحاضر وتفوت على نفسك فرصة صنع المستقبل.
بقلم محمد حميدي