حركة خارج السرب | الطاقة المتجددة تهيمن على مستقبل التوظيف في العالم
الطاقة المتجددة تهيمن على مستقبل التوظيف في العالم
2019-04-23 | 1372 مشاهدة
مقالات

تشير الدراسات المهتمة بالطاقة المتجددة إستمرار إنخفاض أسعارها. اذ انخفضت أسعار تركيب محطات الطاقة الشمسية بحوالي 26٪ في العام الماضي حسب ما ذكرته بلومبرج لتمويل الطاقة المتجددة. كما أن أسعارها انخفضت بنسب أعلى من ذلك في البلدان التي تقوم بتركيب محطات الطاقة الشمسية بكثافة أعلى مثل الصين والهند. وقد اتجهت أنظار العالم إلي الطاقة المتجددة في العقد الماضي على أنها إحدى السبل لإنقاذ الكرة الأرضية من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والاحتباس الحراري. إلا أن إستمرار إنخفاض أسعارها بصورة كبيرة قد حول أنظار العالم من كون الطاقة المتجددة حلا لمشكلة إلى أحد أساليب إنتاج الطاقة الإقتصادية. إلى درجة أن المصاريف الإستثمارية لتركيب محطات الطاقة الشمسية أصبحت أقل تكلفة من تركيب محطات توليد الكهرباء الإعتيادية.

مصادر الطاقة المتجددة تخلق "عالما جديدا"
ذكرت لجنة خاصة في تقرير لها أن النمو السريع في مصادر الطاقة المتجددة يهدد بالحلول مكان الوقود الأحفوري عبر العالم، سيتسبب بتحولات كبيرة في السياسة العالمية، وصرحت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (ارينا) في تقريرها إن التحول سيؤدي إلى "تعديل التوزيع العالمي للسلطة والعلاقات بين الدول، ومخاطر النزاع والدوافع الاجتماعية والاقتصادية والبيئة لعدم الاستقرار الجيوسياسي". وبحسب التقرير فإن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وغيرها من مصادر الطاقة المتجددة التي تشكل حاليا نحو خمس الانتاج العالمي للطاقة تنمو بشكل أسرع من أي مصادر أخرى.

وأطلق التقرير خلال الدورة التاسعة من اجتماعات الجمعية العمومية للوكالة الدولية في العاصمة الإماراتية أبو ظبي. وأكد رئيس اللجنة والرئيس الإيسلندي السابق أولافور راغنار أن التغيير قد يؤدي إلى تفوق الصين على الولايات المتحدة، ويعرض دول الخليج التي تعتمد على النفط للخطر ويساعد الدول الأفريقية الفقيرة على تحقيق استقلال في مجال الطاقة، وأفاد التقرير أن "الانتقال من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة مدفوع من التكنولوجيا الحديثة وانخفاض التكاليف ما يؤدي إلى جعل مصادر الطاقة المتجددة تنافسية على نحو متزايد مثل مصادر الطاقة التقليدية".

وانخفضت تكلفة الكهرباء من مصادر الطاقة الشمسية 75% منذ عام 2009، بينما تراجع ثمن توربينات الرياح إلى النصف في الفترة ذاتها، وأفاد عدنان أمين مدير عام "الوكالة الدولية للطاقة المتجددة" أن تحليل الهيئة يظهر أنه "بحلول عام 2020، فإن كل تكنولوجيا الطاقة المتجددة المتوفرة تجاريا ستكون متساوية أو أرخص من منافسيها من الوقود الأحفوري". وأشار أمين أنه في عام 2017، تم توليد رقم قياسي من الكهرباء من مصادر طاقة متجددة، بلغ 168 جيغاواط، أي ضعف العام الذي سبقه. وحذرت اللجنة من ضرورة أن تقوم الدول التي تعتمد على صادرات الوقود الأحفوري بالتكيف بهدف تجنب "عواقب اقتصادية خطيرة".

الطاقة المتجددة توظف أكثر من 10 ملايين شخص حول العالم
أعلنت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "إيرينا" التي تتخذ من أبوظبي مقرا لها أن قطاع الطاقة المتجددة الذي يزداد نموه خلق 500 ألف وظيفة جديدة العام الماضي ليتخطى بذلك عتبة 10 ملايين للمرة الأولى. وأفادت "إيرينا" في تقريرها السنوي عن "الطاقة المتجددة والوظائف" أن قطاع الطاقة النظيفة الذي يشكل أكثر من 18 بالمئة من مزيج الطاقة العالمية وظف 10,3 مليون شخص بحلول نهاية العام 2017، بما في ذلك في مصانع للطاقة الكهرومائية، وهي زيادة بنسبة 5,3 بالمئة عن العام السابق.

وذكر التقرير أن الصين والبرازيل والولايات المتحدة والهند وألمانيا هي في طليعة دول العالم في هذا المجال حيث ساهمت بخلق 70 بالمئة من الوظائف في القطاع. وأوضحت الدراسة أن العدد الإجمالي للوظائف زاد بنسبة 47 بالمئة عن العام 2012 مع تركز أكثر من 60 بالمئة منها في آسيا، وتحديدا في الصين. وفي نهاية العام 2017، وظفت الصين 3,88 مليون شخص في قطاع الطاقة المتجددة بزيادة نسبتها 12,1 بالمئة عن العام 2016 وهو ما يشكل 38 بالمئة من الوظائف حول العالم.

وأوضح المدير العام للوكالة عدنان أمين إن "الطاقة المتجددة أصبحت من أعمدة النمو الاقتصادي بمعدلات منخفضة في انبعاثات الكربون بالنسبة للحكومات حول العالم، وهو أمر تدل عليه الزيادة في عدد الوظائف التي تم خلقها في القطاع". وأضاف "تدعم هذه البيانات بشكل أساسي تحليلنا بأن إزالة الكربون من منظومة الطاقة العالمية بإمكانها أن تؤدي إلى نمو الاقتصاد العالمي". ويعد توسيع قطاع الطاقة المتجددة ضروري لتحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ التي تم التوصل إليها في 2015 لإبقاء الاحتباس الحراري في العالم دون درجتين مئويتين.

ولهذا الهدف، أكدت "إيرينا" على ضرورة مضاعفة حصة الطاقة المتجددة في مصادر الطاقة العالمية بحلول العام 2030. وأعلنت "إيرينا" العام الماضي أنه من أجل تحقيق ذلك "ينبغي زيادة الاستثمارات من نحو 305 مليون دولار في 2015 إلى معدل 900 مليار دولار كل سنة بين عامي 2016 و2030". وبحسب "إيرينا" التي تأسست عام 2009، أصبحت الطاقة المتجددة أرخص بكثير بفضل التطور التكنولوجي.

الاتحاد الاوروبي يعمل على زيادة اهتمامه بالطاقات المتجددة
شددت دراسة طلبتها المفوضية الاوروبية على حاجة الدول الأعضاء في الاتحاد الاوروبي إلى الاستفادة من انخفاض تكاليف الطاقات المتجددة لمضاعفة الاستثمارات في هذا المجال، وأشارت الدراسة التي أجرتها الوكالة الدولية للطاقة المتجددة الى قدرة الاتحاد الاوروبي على زيادة حصة الطاقات المتجددة من استهلاكه الاجمالي للطاقة إلى الثلث بحلول العام 2030، فيما يقتصر الهدف الحالي على نسبة 27%. وسيشكل ذلك ضعفي الحصة المسجلة في 2015.

واستندت الدراسة لتبرير زيادة الاهداف الى انخفاض التكاليف المسجل في مصدرين للطاقة المتجددة هما الأنظمة الفوتوفولطائية والهوائية. وصرح المفوض الاوروبي للعمل من أجل المناخ ميغيل ارياس كانيتي ان "التقرير يؤكد ملاحظاتنا الخاصة حول التراجع البارز في تكاليف الطاقات المتجددة في السنوات الاخيرة وضرورة أخذ هذه البيئة الجديدة في الاعتبار عند تحديد مستوى طموحاتنا في المفاوضات المقبلة لتحديد سياسات الطاقة الاوروبية".

وفي حال إبقاء الدول الأعضاء على أهدافها وبرامجها الحالية فلن يتجاوز انتشار الطاقات المتجددة 24% في 2030، واضاف النص ان الاستثمارات الجديدة في الطاقات المتجددة تباطأت "بشكل كبير مقارنة بمناطق أخرى كبرى في العالم"، بعدما بلغت أوجها في 2011، ولبلوغ حصة 34% في 2030 يجب استثمار ما معدله 73 مليار دولار سنويا بحسب التقرير الذي لفت في المقابل إلى ان المدخرات المحققة في الانفاق على الصحة والبيئة ستجيز تعويضها الى حد كبير، ويشمل السيناريو المثالي الذي بلورته الوكالة الدولية للطاقة المتجددة للاتحاد الاوروبي تطوير جميع انواع الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية والكتلة الحيوية، ناهيك عن اعتماد حلول بديلة للتدفئة والتبريد (مضخات حرارة، سخانات شمسية...).

وتشير التوقعات أن حجم الاستثمارات في الطاقة البديلة والمتجددة قد يصل الى اكثر 900 مليار دولار في 2050، وهذا مايسمح بتوفير اكثر من 52 مليون فرصة عمل، وان 139 دولة ستعتمد برامج وخطط للتحول للطاقة المتجددة، كما ان الرياح والشمس ستوفر نحو 95% من احتياجات الطاقة، وبالتالي وعلى الرغم من ان الطلب على مصادر الطاقة التقليدية قد يستمر حتى العام 2040، الا انه ولامحاله فأن المستقبل سيكون للطاقة المتجددة.