المواطن هو الشخص الذي يكون عضوا في الدولة التي يقيم بها، وينتمي إليها، ويكون له الحق في التمتع بحمايتها. وأما غير المواطن (الأجنبي) هو الشخص الذي لا يكون عضوا في الدولة التي يقيم بها، ولا ينتمي إليها، ولا يحق له التمتع بحمايتها.
وفي تعريف آخر؛ أن المواطن هو الشخص الذي تعترف الدولة به، وتمنحه أهلية المواطنة، ويكتسب جنسيتها عادة بالولادة في البلد (حق الأرض) أو بكون أحد الأبوين من مواطني البلد (حق الدم) وبالتجنُّس أو بمزيج من الطريقتين. أما غير المواطن(الأجنبي) فهو الشخص غير المعترف بوجود هذه الروابط الفعلية بينه وبين البلد الذي يقطن فيه.
ومن الفئات التي يشملها مصطلح غير المواطن (الأجنبي) هي: المقيمون الدائمون، والمهـاجرون، واللاجئون، وطالبو اللجوء، وضحايا الاتجار بالبشر، والطلاب الأجانب، والزوار المؤقتون، وفئات أخرى من غير المهاجرين، وعديمي الجنسية. وبحسب الإحصاءات الأممية تشكل هذه الفئات نحو (١٧٥) مليون شخص في أرجاء العالم أي ما يعادل (٣%) من سكان المعمورة.
يتمتع غير المواطنين (الأجانب) على وفق القوانين الدولية، وقوانين حقوق الإنسان بمجموعة من الحقوق منها: أن للأجانب حق الحياة؛ فلا يجوز حرمانهم تعسفا من الحياة. ويجب ألا يتعرضوا للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، كما لا يجوز استرقاقهم أو تسخيرهم. وللأجانب الحق الكامل فيما يتمتع به الإنسان من حرية وأمن؛ فإذا حرموا من حريتهم على نحو قانوني، فيلزم معاملتهم بطريقة إنسانية وباحترام للكرامة المتأصلة في أشخاصهم. وللأجانب الحق في حرية الحركة والاختيار الحر لمحل السكن، ويتمتع الأجانب بحرية مغادرة البلد، كما يتمتعون بالمساواة أمام المحاكم والهيئات القضائية.
ومن حقهم أن يحاكموا محاكمة عادلة وعلنية من قبل محكمة مختصة ومستقلة ومحايدة مشكلة حسب القانون، وذلك عند البت في أية تهمة جنائية أو حقوق والتزامات في الدعاوى المرفوعة أمام القضاء. ولا يخضع الأجانب لتشريعات جنائية بأثر رجعي، ومن حقهم أن يعترف بما لهم من شخصية قانونية. ولا يجوز أن يخضعوا لتدخل تعسفي أو غير قانوني في خصوصياتهم أو في الشؤون الخاصة بأسرهم أو منازلهم أو مراسلاتهم. ولهم الحق في حرية الفكر والوجدان والدين، والحق في اعتناق الآراء والتعبير عنها. ويتمتع الأجانب بحق الاجتماع السلمي وحرية تكوين جمعيات.
ويجوز لهم الزواج عندما يصلون إلى سن الزواج القانوني. ويحق لأولادهم التمتع بتدابير الحماية التي يقتضيها وضعهم كقصر. وفي الحالات التي يشكل فيها الأجانب أقلية؛ فلا يجوز حرمانهم من التمتع بالاشتراك مع سائر أفراد جماعتهم بثقافتهم الخاصة والمجاهرة بدينهم الخاص وممارسة شعائره واستخدام لغتهم. ومن حق الأجانب التمتع بالحماية التي يكفلها القانون على قدم المساواة مع غيرهم. ولا يوجد تمييز بين الأجانب والمواطنين في تطبيق هذه الحقوق. ولا يجوز إخضاع حقوق الأجانب هذه لأية قيود غير تلك التي يمكن فرضها قانونا.
مع ما ينبغي أن يتمتع به غير المواطنين من حقوق وحريات وامتيازات وردت في الإعلانات والاتفاقات الدولية، إلا أن هناك فارقا كبيرا بين الحقوق التي يكفلها القانون الدولي للأجانب من الناحية النظرية، وبين الحقوق التي يحصل عليها الأجانب في الدول المتواجدين فيها من الناحية العملية؛ فليس كل ما وجد من حقوق في الاتفاقات والإعلانات الدولية يجد تطبيقه المناسب، بل العكس تماما؛ فقد يتعرض غير المواطنين الذين تركوا بلادهم طواعية أو كرها إلى أنواع من التعامل اللاإنساني بما يسئ إلى كرامتهم وحرياتهم وحقوقهم بما فيهم أولئك المتواجدين في الدول الأوربية..
ففي كثير من البلدان، يواجـه غـير المواطنين مشاكل مؤسسية مستعصية، حيث تكاد جميع فئات غير المواطنين تواجـه التمييـز الرسمي وغير الرسمي. وربما توجد، في بعض البلدان، ضمانات قانونية تكفل المساواة في المعاملة والاعتراف بأهمية غير المواطنين في تحقيق الرخاء الاقتصادي، لكن غير المـواطنين يـصادفون واقعاً اجتماعياً وعملياً مناوئاً. فهم يعانون من كره الأجانب والعنصرية والتحيز القائم علـى أساس نوع الجنس؛ والحواجز اللغوية والعادات الغريبة؛ وعدم التمثيل الـسياسي؛ وصـعوبة إعمال حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولا سيما الحق في العمـل، والحـق في التعليم، والحق في الرعاية الصحية؛ وصعوبة الحصول على وثائق الهوية؛ وانعدام الوسائل الفعالة للطعن في انتهاكات حقوق الإنسان التي تطالهم أو للانتصاف منها.
ويتعـرض بعـض غـير المواطنين للاحتجاز القسري، وفي كثير من الأحيان، للاحتجاز إلى أجل غير مسمى. وقد يحرم المحتجزون من غير المواطنين مـن الاتـصال بأسرهم، ومن الحصول على المساعدة القضائية وفرصة الطعن في احتجازهم. ويكون العـداء الرسمي -الذي يتجلى غالباً في التشريع الوطني -سافراً بشكل خاص خلال فترات الحروب والعداوة العنصرية وتفشي البطالة. فعلى سبيل المثال، تفاقم الوضع منذ ١١ أيلـول/سـبتمبر ٢٠٠١، حيث أقدمت بعض الحكومات على احتجاز أفراد من غير المـواطنين تخوّفـاً مـن الإرهاب.
كما عززت أزمة اللاجئين المستمرة والهجمات التي شنها متطرفون مسلحون في بلجيكا وفرنسا وألمانيا كراهية الأجانب والخوف من الإسلام والمشاعر المعادية للمهاجرين، وتجسد ذلك في هجمات على المسلمين والمهاجرين وأولئك الذين يُعتقد أنهم أجانب، بالإضافة إلى دعم الأحزاب الشعوبية المناهضة للهجرة في كثير من دول الاتحاد الأوروبي.
وبرزت دراسة قام بها وكيل الجمهور ضد التمييز أن الأشخاص ذوي خلفيات أجنبية في السويد يجدون صعوبات كبيرة للحصول على سكن في إحدى شركات السكن البلدية أو حتى في شركات السكن الخاصة، وذلك على عكس السويديين الذين يتمكنون من الحصول على السكن في ظروف أحسن من الأجانب. وتبين أيضا أن شركات الإسكان في البلديات والشركات الخاصة معا يهمشون الأجانب في طلبات السكن، وغالبا ما تكون الأولوية للمواطنين من أصول سويدية.
ومن هذا المنطلق، أشار إعلان (ديريان) إلى أن كراهية الأجانب التي تمارس ضد غير المواطنين، ولا سيما المهاجرين، تشكل أحد المصادر الرئيسية للعنصرية المعاصرة. وكثيرا ما يتعرض المهاجرون للتمييز ضدهم في الإسكان أو التعليم أو الصحة أو العمل أو الضمان الاجتماعي. وإن هذه لتعتبر قضية عالمية تؤثر على بلدان المنشأ وبلدان العبور وبلدان الوصول. ووفقا لما ذكرته شعبة السكان في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية في الأمم المتحدة، فإن زهاء 200 مليون نسمة يعيشون خارج بلدان المنشأ، وهو ما قد يصل إلى 3,1 % من سكان العالم في 2010.
وتأسيسا على ذلك، حث المؤتمر العالمي لمناهضة العنصرية والتمييز العنصري وكراهية الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب، الذي عقد في دربن بجنوب أفريقيا عام 2001. بصورة خاصة على أنه (يجب على جميع البلدان تحريم التمييز في المعاملة المرتكز على العنصر أو اللون أو المنشأ أو الوطن أو الأصل العرقي، والذي يمارس ضد الأجانب والعمال المهاجرين، بالنسبة لكافة المعاملات ومنها تلك التي تتعلق بتراخيص الدخول إلى البلد (الفيزات)، وتصاريح العمل، والسكن والرعاية الصحية وسبل الوصول إلى تحقيق العدالة)، كما يحث البلدان المضيفة للمهاجرين على أن (تنظر في توفير الخدمات الاجتماعية ولاسيما في المجال الصحي، باعتبار ذلك أولوية أولى، من خلال التعاون مع وكالات الأمم المتحدة، والمنظمات الإقليمية والهيئات الدولية الممولة).
وبالمحصلة أن الدول ملزمة بضمان المساواة بين المواطنين وغير المـواطنين في التمتـع بحقوقهم المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالقدر المعترف به بموجب القانون الدولي والمبيّن، بوجه خاص، في الإعلان العالمي لحقـوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافيـة والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية؛ ويجب على الدول الامتناع عن تطبيق معايير معاملة تختلف باختلاف فئـات غير المواطنين.
نخلص مما تقدم إلى:
- أهمية الالتزام بحمايــة ســلامة جميــع المهــاجرين وحمايــة كرامتــهم وحقــوق الإنســان والحريات الأساسـية الواجبـة لهـم، في جميـع الأوقـات، بصـرف النظـر عـن وضـعهم مـن حيـث الهجرة. وتيسير وضمان الهجرة الآمنـة والمنظمـة والقانونيـة، بما يشمل العودة والسماح بالدخول مجددا، مع وضع التشريعات الوطنية في الاعتبار.
- أهمية مكافحـة كراهيـة الأجانـب والعنصـرية والتمييـز في مجتمعات الوصول ضـد اللاجـئين والمهـاجرين. وأخذ تـدابير لتحسـين انـدماجهم واحتـوائهم، ومـع الإشارة بوجه خاص إلى إتاحة حصولهم علـى التعلـيم والرعايـة الصـحية وإمكانيـة لجـوئهم إلى القضــاء والتــدريب اللغــوي.
- إيلاء المزيد من الاهتمام لقضية التمييز المتعدد المظاهر الذي يواجه غير المواطنين، لا سيما فيما يتعلق بأطفال وأزواج العمال الأجانب، والامتناع عن تطبيق معايير معاملة مختلفة مع النساء غير المواطنات المتزوجات من مواطنين والرجال من غير المواطنين المتزوجين من مواطنات.
- كفالة ألا تنطوي سياسات الهجرة على أثر التمييز ضد الأشخاص على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الاثني.
- اتخاذ إجراءات صارمة لمواجهة أي نزعة لاستهداف أو وصم أو إعطاء صورة نمطية مقولبة أو سمات لأفراد مجموعات غير المواطنين على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو العرقي، ولا سيما من قِبل السياسيين والمسؤولين والمربّين ووسائط الإعلام، أو على شبكة الإنترنت وغيرها من شبكات الاتصالات الإلكترونية، وداخل المجتمع بشكل عام.
- ضمان توفير الحماية المناسبة لغير المواطنين الذين يُحتجزون أو يُعتقلون في سياق مكافحة الإرهاب، وذلك من خلال القوانين المحلية مع الامتثال لقانون حقوق الإنسان الدولي وقانون اللاجئين الدولي والقانون الإنساني الدولي.
عن شبكة النبا