بقلم علي أسعد وطفة
تتناول الدراسة إشكاليّة العلاقة التطوّريّة بين التجليّات التاريخيّة لمفهوم التنمية بوصفه مفهوماً متغايراً بتغاير الأزمان، وتقاربه في ضوء التطوّرات والعوامل الاجتماعيّة التاريخيّة التي شهدها المجتمع الإنساني خلال قرن من الزمن. كما تبحث في إشكاليّة الغموض والتداخل والتشاكل بين تجلّياته (من النموّ والتنمية الاقتصاديّة إلى التنمية الإنسانيّة) ضمن مسارات الاحتواء والتجاوز بوصفه توصيفاً متغايراً لحالة التقدّم والنهوض في المجتمعات الإنسانيّة. وينطلق البحث من فرضيّة قوامها أنّ التداخل والغموض القائم الذي يعانيه المفهوم ناجم وبصورة جوهريّة عن غياب التناول المنهجي للحركة التاريخيّة القائمة بين هذا المفهوم وتطوّرات المجتمع الإنساني من جهة، وعن غياب التناول المنهجي لديناميّات العلاقة الجدليّة التي تربط بين هذا المفهوم والمفاهيم الفرعيّة المجاورة له في المعنى والدلالة.
ومن صلب هذه الإشكاليّة تنطلق الدراسة الحاليّة للكشف المنهجي عن منظومة العلاقات القائمة بين هذا المفهوم وتجلياته التاريخيّة ضمن منهجيّة ما سمّيناه "منهجيّة الاحتواء والتجاوز". وتقضي هذه المنهجيّة في النظر إلى الأبعاد المختلف للمفهوم ضمن سياقات التفاعل والتكامل والانشطار والتوليد ومن ثمّ التجاوز والاحتواء. وضمن هذه المنهجيّة الجدليّة تحاول الدراسة أن تقدّم صورة واضحة للمفهوم ضمن تعرّجاته التاريخيّة ومنعطفاته الإنسانيّة. وفي سياق هذا التحليل الجدلي التاريخي للمفهوم تتوخّى الدراسة إعادة بناء المفهوم في صورته التاريخيّة الاجتماعيّة الواضحة والكشف عن العلاقات الجدليّة القائمة بين مفاهيم النمو والتنمية الاقتصاديّة والتنمية الإنسانيّة وأوجه التكامل في المعنى والدلالة.