بقلم/ الدكتور ميثاق بيات ألضيفي
سؤالنا بسيط… يتحدد بماهية الكرامة؟
أو “إنه أقل من كرامتي” أو “لقد أهان كرامتي”،
ونحن غالبًا ما نستخدم مفهومها من دون التفكير في محتواه ومن الغرابة ليست لدينا حتى حاجة للتفكير في مضمونها ومفهومها حينما نقول “كرامتي أولا”
ولا يكون الوضوح البديهي للكلمة كافياً ولكن مفهومها الفكري واللغوي والتقليدي على الرغم من أنه لم يتم تمثيله بشكل واضح
فيرجع إلى أن الأخلاق يتم تناولها بصور دراسية ضعيفة بشكل عام, ولذا فما هي الكرامة إذن؟
أنها مفهوم متعدد القيم للغاية ومستخدم في سياقات وتقاليد مختلفة في الأخلاق وفي النظريات السياسية وفي نظريات التواصل وكل مجالات المعرفة المتطورة،
ويمكننا أن نتحدث عن ” الكرامة الأخلاقية ” كالتزام بمجموعة المعايير المستدامة المعتمدة في المجتمع،
وأيضا يمكننا أن نتحدث عن ” كرامة التواصل ” كمنطق للاعتراف بالمحاور
وحينما يتم بناء التواصل عبر فكرة الكرامة والاعتراف يمكننا الحديث عن كرامة الأخلاق
وعندما يقال إن شخص ما محتجز بكرامة،
أي أنه في صورته التمثيلية ينطق ويفكر متمسكا بمجموعة من رموز التعبير الثقافي.
يمكننا التحدث عن ” الكرامة المدنية ” في منطق التفاعل الاجتماعي كما يمكننا الحديث عن “الكرامة الإنسانية”
وفي كل مرة سيكون لحديثنا عنهما معان مختلفة أو درجات ومستويات مختلفة من المعاني،
إذ كلما زادت حقوقك المدنية وكلما تم الاعتراف بكرامتك المدنية كلما تمكنت من تحقيق كرامتك كفضيلة،
وإذا كنا نتحدث عن النظرية السياسية الحديثة والخطاب السياسي فهنا يتم نقل مفهوم “الكرامة” من مستوى الكرامة الشخصية إلى مستوى كرامة المجموعات
ويبدأ هذا المفهوم في التعبير عن منطق تفاعل المجموعة وتمثيلها في المجال السياسي
لأن وراء أي احتجاج جماعي ووراء أي مطالبة جماعية هو منطق الكرامة المتدهورة ،
ولأنه حين تقدم مجموعة مطالب معينة فإنها بذلك تريد أولاً أن تلفت الانتباه إلى حقيقة أن كرامتها قد تعرضت للإهانة
وأنها تريد إعادة بناء هذه الكرامة لذلك سيكون من الخطأ وصف جميع النزاعات على أنها من أجل الموارد.
مفاهيم الحق والكرامة والشرف والعدالة
الحق والكرامة والشرف والعدالة هي مفاهيم يمكن لها أن تتقاطع في محتواها ببعض الأحيان
وعندما تتقاطع وتتداخل تنشأ حالات نزاعات كثيرة،
وإن السؤال الأهم هنا هو هل يمكن أن نقول أنه في عصور مختلفة تظهر بعض العبارات الملطفة التي يمكن استخدامها لتحل محل كلمة ” كرامة ” بعبارة تكون أكثر ملائمة لعصرنا؟
وهل “الشخص الأيديولوجي” شخص يتمتع بكرامة ومحترم أم لا؟
وبما أنني لست فيلسوفا لكني أدرس الممارسات والعلاقات السياسية والثقافية فلا أستطيع أن أقول إن فهم الفئة الأخلاقية للكرامة هي القدرة على التمييز بين الخير والشر
غير انه يمكنني استخدام ذلك المفهوم ظاهريا على وجه التحديد
لأن الخير والشر هما بعضا من المفاهيم النهائية التي لا تتناسب مع بيان وشرح مضمون الكرامة،
فكيف اذن ندركها؟
ليس لدينا في الوضع العام اليومي أي دليل على احترام كرامة شخص آخر،
حتى على خلفية تحية أو عبارات
وعندما ننتقل إلى شخص ما فإذا فقدنا جزئياً عنصر كبير من المفردات المرتبطة بالمعاملة المهذبة لبعضنا البعض،
وكيف ستتصل بشخص في الشارع إذا كنت بحاجة إلى توضيح إلى أين أنت ذاهب أو تسأل عن الوقت؟
إن سألت فستجيبك الأغلبية الساحقة بأدب بكلمة “آسف”
ولا يمكننا العثور على كلمة تصف الشخص المصادف عشوائياً كممثل لمجموعة ما أو مدينة ما والتي كنا نكن لها بعض الاحترام،
فلذلك ما علينا إلا إن ندرك بأن مشكلة الكرامة قد تتحول لسبب ما وبأستمرار إلى مشكلة في الاعتراف والبحث عن الاعتراف ورفض الآخرين بالاعتراف
فتعترف الدولة أو لا تعترف بمواطنيها وبعض الناس لا يدركون أو لا يعترفون بآخرين يستحقون الاهتمام كي لا يتم ملاحظتهم وأحترام كرامتهم،
الاعتراف بادرة تواصلية
وإذا كان الاعتراف نوع من البادرة التواصلية لتوجيه الانتباه إلى آخر وإلى مجموعة أخرى وإلى الآخرين فيمكننا عبره أن نتحدث عن كرامة الإنسان
والتي عندما ننظر اليها باعتبارها عنصراً متأصلاً في الشخص الذي يؤدي أعمالاً اجتماعية فبذات الوقت سنتذكر أن الإجراءات هي دوما ما تكون في حضور شخص آخر
تترجم على أنها الوعي الذاتي والسيطرة على النفس وبعض الاختيارات المستقلة للإجراءات للتعامل مع الأخلاق،
غير أن الحالة معقدة للغاية فيمكنك عبرها أن تفكر في نفسك هل أنت شخص لائق أو شخصا غير لائقا وغير جدير بالثقة،
لذا لا يمكنك تعريف نفسك كشخص محترم في الأساس إذا لم يكن هناك تقييم خارجي لما تقوم به وما تفعله،
وإذا لم يكن هناك مراقب يمكنه بالفعل إجراء تشخيص لشخصك فيمكنك أن تسمي نفسك أقلية،
لكنك حتى تنضم إلى مجتمع كبير وتعلن نفسك كأقلية لن يسمع إليك أحد ولن يدعمك من أجل نيل حق كرامتك
لذلك لتدرك نفسك كجزء فعليك أن تدمج ذاتك كجزء من المجتمع.
وحول حقيقة أن الكرامة يتم تضمينها دائمًا في بنية التفاعل مع الآخرين فهل يمكن القول إن لدى ذلك الشخص إن بقي كأقلية كرامة؟
وكيف سيحاول الحفاظ على كرامته؟
وماذا سيكون مضمونها؟
وان رغب ذلك الشخص في الاحتفاظ بكرامته الإنسانية في عزلته فكيف سيقيسها؟
على الأرجح هناك حاجة إلى الشخص المطابق والذي سيثبت له عدم فقدانه لكرامته رغم كل الأوجاع والأحتدامات وجميع الأعمال والأقوال الموجهة إليه،
وبذلك سيكون له كمثمن لأفعاله وخبراته وكناظر نظرة ذاتية على روحه… من داخل روحه !!!