بقلم: ادريس شرود
"الفيلسوف هو من يعرض حياته كشهادة فاضحة عن الحقيقة"
فريديريك غرو
تقديم
وقفت في مقالة سابقة على التجربة الفريدة للفلاسفة السنيكيين، وأكدت على تميّز كيفيتهم في الوجود وأسلوبهم في العيش، واعتبرتها مثالا ل"الحياة الفلسفية"(1). فالإيمان ببراءة الوجود، والعيش وفق نواميس الطبيعة ، والرغبة في ابتكار "عالم آخر"، كلها ملامح لحياة نبيلة وجميلة حسب الفيسلوف السنيكي. فالبراءة تدرك عنده كلعبة الوجود والقوة والإرادة مثلما أدركها الفيلسوف هيراقليط، الذي فهم الوجود انطلاقا من غريزة لعب وجعل منه ظاهرة جمالية. أما نواميس الطبيعة، فهي المرشد الحكيم لسلوك الفيلسوف السنيكي، وليس أخلاقيات العادات ولا قوانين المؤسسات وأعراف المجتمع. إنه من يشرّع خيره وشره باستعمال عقله وتفعيل إرادته، واضعا أوامر ونواهي "القيم العليا" على محك النقد، ومنخرطا بالفعل في تحويلها. لكن إنجاز هذا المشروع الإيتيقي، تطلب من الفيلسوف السنيكي عملا زهديا متكاملا ومتواصلا، وانهماما خاصا بذاته(بجسده وروحه/تفكيره)، مرتكزا في كل ذلك على سلاح الحقيقة والجرأة على قولها للذات وللآخرين.
1- أصول الحياة السنيكية وخصائصها وممثليها المشهورين
تأثرت حياة الفلاسفة السنيكيين بمبادئ الفلسفة الفيثاغورية وحياة الفلاسفة الفيثاغوريين وأتباعهم المبنية على البساطة والعيش المشترك، وبمبادئ فلسفة هيراقليط Héraclite التي تدعو إلى اجتناب زخارف الدنيا واللذات والإكتفاء بأقل الأشياء(2). وكذا بالموروث الشرقي المتمثل في تراث الشعوب الأسيوية، ومنهم الفلاسفة الهنود العراة والمعروفين بطريقتهم الزهدية الصارمة. لكن الحياة السنيكية مطبوعة أكثر بمبادىء المدرسة السفسطائية وفلاسفتها الجوالين، وبأفكار سقراط ومنهجه المبني على الجدل والتهكم وتميّز طريقته في العيش. والأكيد أن سقراط ترك أثرا عميقا على الحركة والفلسفة السنيكية؛ ذلك أن البحث عن الحكمة العملية والفضيلة بواسطة المعرفة واستعمال العقل والشجاعة في قول الحقيقة، ومحاربة الرذيلة التي منبعها الجهل والخرافة، وكشف جهل السياسيين وجهل الناس بأنفسهم، وتنبيههم إلى الأخطاء في سلوكهم واعتقاداتهم وأسلوب حياتهم، شكلت بالنسبة لسقراط، الدليل الملموس على الوجود الفعّال للفيلسوف في المدينة.
تتأسس الحكمة العملية للفيلسوف السنيكي على مراقبة رذائل الناس وشهواتهم وإحصاء أخطائهم، فعنوان أحد كتب أنتستاين "الراصد" يدل على مهمة خاصة بالفيلسوف القاضية بإعمال العقل وعدم أخذ عادات وتقاليد المجتمع -التي تلقى القبول والرواج الكبيرين- بمحمل الجد. أما الفضيلة، فتقوم عنده على الحرية ورفض كل وساطة بين القول والفعل، بين الخطاب والممارسة، فهو يربط طريقة حياته بالحقيقة في إطار علاقة متلازمة، عارضا شريط حياته في أدق تفاصيلها وفي علنيّتها المتوحشة. هكذا تصير الحياة السنيكية مرآة لوجود أصلي، تم تشكيله اعتمادا على الإيمان ببراءة الصيرورة وعلى القول الحقيقي والصريح والحر، وعدم الخضوع للتعاقدات الإجتماعية وللأحكام المسبقة.
يعتبر أنتستاين Anthistene (444-365ق.م) مؤسسا للحركة السنيكية، تأثر بالفلسفة السفسطائية والسقراطية، فهو تلميذ للفيلسوف السفسطائي جورجياس (485-380ق.م)، وتلميذ لسقراط (469-380ق.م) وشاهدا على مأساة معلمه ونهايته التراجيدية. هكذا شكلت حياة سقراط وموته انعطافا في تفكير أنتستاين وتحوّلا في مواقفه سواء تجاه خصوم سقراط ومنهم جورجياس، أو تجاه المجتمع الإغريقي وتقاليده ومؤسساته التي سمحت بإعدام معلمه. فكان رد فعل أنتستان المباشر هو رفض المواطنة والهوية الآثينية ورفع شعار "المواطنة العالمية".
إلى جانب أنتستاين، اشتهر ديوجين السينوبيDiogene de Cynope (412-323ق.م)، كممثل حقيقي للحياة السنيكية. دافع ديوجين على عيش "حياة أخرى" قوية، ترتكز على الثقة في الجهد واكتساب الخبرة عن طريق التمرّن والتجريب(3)، والجهر برفض مواضعات الناس في مجال القيم والأحكام والتقاليد والأعراف والمعتقدات(4). وفي كل هذا، وبروح معاكس تماما لروح أفلاطون وحتى لروح أرسطو، يفصل الكلبي (السنيكي) الحياة الأخلاقية عن المشكلة الإجتماعية، ويقصي في الوقت نفسه العلوم الرياضية عن التأمل العقلي الحكيم(5).
2- البناء الإيتيقي للذات في الفلسفة السنيكية
يعطي الفيلسوف السنيكي أهمية كبرى لاكتساب المعارف والعلوم المرتبطة بدراسة الطبيعة وإدراك أشيائها وأسرارها، مع ضرورة تملكها وجعلها تحت التصرف في حالة حدوث طارئ ما. فالعلاقة مع المعرفة عند السنيكي براغماتية وغائية، ترتبط مباشرة بالوجود الإنساني وتستوجب الإكتساب والإستعمال في المعارك الحقيقية للحياة. يحرّض دمتريوس Démétrius على البحث والإكتشاف، ف"كل ما يجعلنا أفضل قد وضعته الطبيعة تحت أنظارنا وفي متناولنا". فمن الأشياء التي يجب معرفتها؛ هنالك بعض الأشياء التي تخيف البشر، ولا شيء يمكن أن نخافه أكثر من الآلهة، إن الموت لا يحدث أي ألم أو شر، ومن السهل إيجاد [ما يؤدي] إلى الحكمة، وإنه يجب اعتبار أننا كائنات اجتماعية ولدت من أجل الجماعة. إنه أخيرا: معرفة أن العالم عبارة عن مسكن مشترك، حيث الناس مجتمعون من أجل أن يكوّنوا هذه الجماعة"(6). وفي هذه المعرفة، تظهر مركزية النفس في تلك العلاقة التي تربطها بالآلهة والعالم والبشر،إنها "معرفة علائقية" - بتعبير ميشيل فوكو- مبنية على حقائق أساسية يجب تعلمها وترسيخها، وإدراكها كوصايا للتصرف؛ وصايا عملية وحكمة سلوكية. يدرك الفيلسوف السنيكي المعرفة كممارسة يكون فيها الوجود الإنساني موضع تساؤل، وك"معرفة علائقية" حقيقية ووصفية في الوقت نفسه، وهي قادرة على إحداث أو إنتاج تغيّر وتحوّل في نمط وجود الذات(7).
لكن إنتاج هذا التحوّل والتغيّر يتطلب من الفيلسوف السنيكي إدراك الفلسفة كحكمة عملية تتطلب الإنخراط النشيط في الحياة اليومية من أجل تأهيل الجسد والروح/الفكر عن طريق القيام بالتداريب والتمارين والتربية على الفضيلة. ترتكز هذه التداريب على القيام باختبارات التحمّل والجلد، وتعلّم الإيقاعات الرجولية والقوية ومنها الإعتدال وضبط النفس والشجاعة. وتتخذ الممارسة الفلسفية عند السنيكي موقفا شموليا من الحياة وإدراكا لها في صيرورتها ودفق أحداثها، وتبحث في تاريخ الوجود عن العيّنات الناجحة والملهمة والمراحل القوية والمشرقة من حياة البشرية والتي يمكن تكرارها وتفعيلها رغم النسيان الذي طالها والعياء والإنهاك الذي أصابها. فالعودة إلى هذه العيّنات والمراحل يمكن أن يساهم في بعث القوة في السلوك وتأكيد الحياة بمعزل عن الضعف الأخلاقي والإنحطاط القيمي والتدهور الحضاري. تتأسس قوة السلوك عند الفيلسوف السنيكي على نشر "الخير" في الواقع والحقيقة؛ عن طريق تمجيد فضيلة الصّدق والصراحة وتأكيد قيمة العطاء والمنح، وكره السرقة والغش والتبذير والطمع، ونبذ الفساد والظلم، والدعوة إلى طلب اللذات المعنوية وتجنب اللذات المادية والتحلّي بالإعتدال والقناعة في حالة طلبها؛ فديوجين السينوبي يقول:"الشهوات غير الملائمة تصير منبع جميع المصائب التي تقاسيها البشرية"(8).
إن اكتساب السلوك النبيل عند الفيلسوف السنيكي يتأسس على التعاطي للفلسفة؛ أي محبة الحكمة واستعمال العقل والعيش في حرية:
- فمن جهة الحكمة، يتعلق الأمر بنسج علاقة بين المحبة والحقيقة والجرأة على طلبها وقولها.
- من جهة العقل، فهذا سقراط يقول :"أوليس من شأن العقل أن يأمر بما أنه حكيم ومكلّف بالإشراف على النفس بأسرها"(9)، بحيث يصير العقل(اللوغوس) صاحب سلطة وسيّد الكائن البشري.
- أما من جهة الحرية، يقول أكراطيس:"لا يليق بالفيلسوف من الأوصاف إلا الحرية"، أما ديوجين السينوبي فيجيب عن سؤال:"أي شيء أحسن في الدنيا؟ قال:الحرية".
يهدف السنيكي من ممارسة الفلسفة إلى الإهتمام بذاته وتحقيق الإكتفاء الذاتي والعيش وفق الطبيعة(10) بلا هم وحيرة بتعبير أكراطيسCratès ، والإهتمام بالآخرين عن طريق إرشادهم إلى الحياة الحقيقية، آملا أن يصيروا أسياد أنفسهم وقادرين على التمسك بالفضيلة لذاتها، كما يؤكد زينون Zenon.
3- الفلسفة العملية والإهتمام بالآخرين
يمنح الفيسلوف السنيكي أهمية قصوى لنقل وتجريب أنماط من الحياة، مقابل سعي المذاهب الفلسفية التقليدية إلى تلقين المعارف والنظريات. فالتعليم السنيكي لا يقوم على النماذج النظرية المجرّدة، بل على مبادئ سلوك معيّنة مستخلصة من حكايات مختصرة (khreiai) أو من ذكريات (apomnêmoneumato)، أو من حكايات على شكل فكاهة أو دعابة (paignia). تتحول هذه الحكايات والذكريات في هذا النموذج التعليمي إلى قوالب سلوك مُستقاة من شخصيات مشهورة كأنتيستين Antisthène وديوجين Diogène وكراتيس Cratès، أو من شخصيات تاريخية أو أسطورية كهراقليس Héraclès أو تيزيوس Thésée(11).
يعطي الفيلسوف السنيكي الأسبقية والإمتياز للممارسة والتطبيق ويُخضع جسمه وروحه لتداريب مستمرة وقاسية(12) تجعله متحكما في ذاته وسيّد نفسه. وفي هذا التآلف بين الجسد والحقيقة وبين الحياة والسيادة، ينسج الفيلسوف السنيكي طريقة حياة وكيفية وجود خاضعة لقواعد وتقنيات محددة، يضعها موضع تجربة بحسب عدد من الإجراءات: إنها الفلسفة كفن للحياة، تقنية للوجود، إستيتيقا للذات(13).
يجعل الفيلسوف السنيكي من جسده مسرحا لتجلّي الحقيقة ومن أسلوب حياته وسيلة لخدمة التربية النبيلة وتعليم الفضيلة(14)، فهو يجازف باستفزاز الناس في الشارع والساحة العمومية، في السوق والمعبد...، لإحداث الصدمة في نفوسهم بغرض إيقاظهم وخلخلة اعتقاداتهم الراسخة. وتجسّد حركاته وإشاراته، أفعاله وأقواله، ملابسه (لحاف وحيد) وأغراضه (عصا ومحفظة) مظاهر للإثارة أو السخرية أو الفكاهة، لكنها تعمل في نفس الوقت على إيقاظ الوعي لدى الآخرين ودفعهم إلى طرح تساؤلات حول سلوكاتهم وتصرفاتهم، وحول عادات وتقاليد وأعراف مجتمعهم. إنه يعرض جسده وتفاصيل حياته؛ رغباته ولذاته في واضحة النهار دون خجل أو اعتبار لقيمتي الحشمة والحياء، ودون مراعاة للتعاقدات الإجتماعية ولا لأوامر ونواهي السلطات العمومية والخصوصية. وفي عملية العرض هذه، تظهر خصائص بيداغوجيا الفيلسوف السنيكي القائمة على قول الحقيقة وعرضها في الخارج ضدا على توسّل الأعماق الداخلية للروح.
يدعو الفيلسوف السنيكي إلى وجوب إخضاع أخلاق المجتمع للفحص والنقد، والعمل على قلب مجموع القيم (الإرتكاسية) المتداولة والسائدة وإحلال أخرى جديدة محلها ذات قيمة حقيقية. إنه يطرح مشكلة الأخلاق والقيم في صيرورتها وأشكال إدراكها وممارستها سواء من طرف العامة أو الخاصة. وأثناء عملية النقد، يطبق الحقيقة بطريقة مباشرة في الحياة؛ إذ يجازف بالكلام الصريح والحر ويعرض الحقيقة ويجسدها على مسرح الواقع قولا وفعلا، داعيا إلى التحلّي باليقظة والإنتباه إلى الضربات التي يمكن أن تأتي بها الصدف ومفاجآت الوجود، ومنبّها إلى ضرورة تجهيز الجسد (الجسم والفكر) والإستعداد للصراع والمقاومة. فهذا ديوجين يقول:"هناك نوعان من التدريب؛ العقلي والجسمي، والأخير تم خلقه في العقل بسرعة.. ولكن الواحد منهما بدون الآخر يكون ناقصا.. ولما كانت الصحة والنشاط يعملان في خدمة ما هو خير، فإنهما بالتأكيد يعتمدان على كل من العقل والجسم سوية"(15).
تستمد الفلسفة السنيكية إذن مشروعيتها من الممارسة والتطبيق، أي من خلال العيش بصحبتها وتجريبها في الحياة اليومية. فهي حكمة وجودية وفلسفة عملية موجّهة للجميع دون تمييز، ويمكن لأي شخص تعلّمها والإقتداء بمبادئها وقواعدها، لكن شرط إحسان الإنصات والتمرّن بشجاعة، والعيش في وفاق مع الطبيعة. إن الأمر يتعلق عند الفيلسوف السنيكي ب"حياة أخرى"، مثيرة ومقلقة حقا للعامة(معاملته الفظة والإستفزازية للمارة من خلال توجيه خطابات وشتائم عنيفة، عيش تفاصيل حياته بشكل علني، مقاومة شرسة لأشكال الإخضاع التي تجعل الكائن البشري عبدا لقيم زائفة،...) ولأتباع المدارس الفلسفية الأخرى(انتقادات قوية لأفلاطون،...) ومحتكري السلطة(معاملة لا تليق بمقام الحكام والاباطرة وبخاصة ألكسندر المقدوني). لكل هذا صار الفيلسوف السنيكي معرّضا لكل أشكال النفور والإستهزاء والمحاكمة، ووجوده الخالص يتحول إلى حياة مُقزّزة وسافلة في أعين العامة وأصحاب النفوذ، لكنها تتحوّل إلى حياة كفاح ومقاومة في أعين كل الطموحين إلى حياة حرة، نبيلة وفاضلة.
خاتمة
يعتبر القول الصريح والحر مدخلا للحياة السنيكية، في حين يشكل إشهار الحقيقة في وجه كل الآخرين دليل على حكمة وشجاعة الفيلسوف السنيكي واهتمامه القوي بنشر الفضيلة وسط البشرية جمعاء. إن الرغبة في الفوز ب"حياة أخرى" حقيقية ومرحة هي التي تدفع السنيكي إلى استعادة القيم والأخلاق والفضائل التقليدية ووضعها على محك النقد بهدف إبراز حقيقتها وصلاحيتها، ومقاومة كل أشكال التزييف والنفي التي تطال الحياة. هكذا يسعى الفيلسوف السنيكي إلى نشر مبادئ فلسفته وقواعدها عبر عرض أساليب العيش النبيلة وأنماط الوجود المشرقة في التاريخ والتي تشكل نماذج للتذكّر وللإستلهام والتطبيق، في نفس الوقت يحرص على تقديم وصفات علاجية للأمراض التي أصابت الإنسانية والكائن البشري؛ وصفات عبارة عن حكم وحكايات تتطلب الإنصات والتذكر، وتمارين وتداريب تستوجب المحاكاة والتطبيق كي يستعيد السلوك قوّته وصلابته والوجود حيويته وإشراقه.
يتمثل عمل الفيلسوف السنيكي إذن، في التحريض على عيش الحياة والإيمان بصيرورتها والإلتحام بأحداثها، دون الخضوع لثقل الأحكام المسبقة والقيم السائدة والمعتقدات الراسخة، كما يستهدف إشاعة الفضيلة والإستقامة والحرية، والجرأة على قول الحقيقة والكلمة الصادقة القادرة على علاج أرواح الناس وتحسين أخلاقهم وتهذيب سلوكاتهم وتصرفاتهم وفق مبادئ وقيم الحياة السنيكية.
هوامش:
1- ادريس شرود: معنى أن تصير سنيكيا، موقع أنفاس من أجل الثقافة والإنسان، 22 ديسمبر 2017.
2- ديوجين لايرتيوس: مختصر ترجمة مشاهير قدماء الفلاسفة، ترجمة عبد الله حسين، تقديم مصطفى ولبيب عبد الغنى، سلسلة ميراث الترجمة، 2007، ص70.
3- يقول ديوجين لايرتيوس:"كان (ديوجين السينوبي) إذا تفكّر في معيشته وفقره يقول ضاحكا؛ سائر أنواع اللوم والمغايب قد لحقتني وأنا وإن كنت لا دار لي ولا مدينة ولا وطن وأتقوت يوما بيوم، فإني جلد على مقاومة صروف الدهر، أقابل المال بالثبات والعفة وأقابل العوائد بالحالة الفطرية الخلقية واقابل تكدّرات النفس بالتدبر والعقل" ، دوجين لايرتيوس: مختصر ترجمة مشاهير قدماء الفلاسفة، ترجمة عبد الله حسين، تقديم مصطفى ولبيب عبد الغنى، سلسلة ميراث الترجمة، 2007، ص141.
4- يقول ديوجين لايرتيوس:"كان –ديوجين السينوبي- يقول متى تأملت حقيقة الحكام والحكماء والفلاسفة الذين في الدنيا اعتقدت أن الإنسان بعقله يفوق عن البهائم ولكن من حيثية أخرى حين أرى من يدعي الوحي والعرّافين والمعبرين للأحلام والذين إذا حصلوا مالا أو جاها تكبّروا فلا أتمالك نفسي أن أظن أنهم أشد الحيوانات جنونا"(دوجين لايرتيوس: مختصر ترجمة مشاهير قدماء الفلاسفة، ص135.
5- كان ديوجين السينوبي يندهش وهو يلاحظ النحويين يبحثون في مشاكل أوليس ومصائبه، بينما يتجاهلون مشاكلهم الخاصة. كما يندهش لرؤية الموسيقيين وهم يضبطون أوتار غيثارتهم، لكنهم يتركون أرواحهم في تنافر وسوء انتظام؛ وعلماء الرياضيات مركزين أنظارهم نحو الشمس والقمر، لكنهم يهملون ما يصادفونه في طريقهم.
يقول ديوجين لايرتيوس:"كان (ديوجين السينوبي) يلوم أرباب الموسيقا والألحان على تحملهم المشقة في تطبيق الموسيقا والالحان مع بعضها مع أن عقولهم سيئة الترتيب بأن الأولى لهم البداءة بتوفيق أحوال عقولهم. كان يذم أرباب الرياضة على تسليهم برصد الشمس والقمر والكواكب مع أنهم لم يعرفوا حقيقة ما تحت أرجلهم"، ديوجين لايرتيوس: مختصر ترجمة مشاهير قدماء الفلاسفة، ص136.
6- ميشيل فوكو: تأويل الذات، دروس ألقيت في "الكوليج دوفرانس" لسنة 1981-1986، ترجمة وتقديم وتعليق د. الزواوي بغوره، دار الطليعة، بيروت، الطبعة الأولى، 2011، ص226ص223.
7- ميشيل فوكو: تأويل الذات، ص226.
8- ديوجين لارتيوس: مختصر ترجمة مشاهير قدماء الفلاسفة، ص146.
9- ميشيل فوكو: استعمال اللذات، تاريخ الجنسانية، الجزء الثاني، ترجمة جورج أبي صالح، مراجعة مطاع صفدي، مركز الإنماء القومي، بيروت-لبنان، 1991، ص60.
10- يقول زينون: "هؤلاء الأسطوانيين كانوا يرون أنه ينبغي لكل إنسان أن يعيش بمقتضى الطبيعة على معنى أن لا يفعل ما يخالف حكم العقل الذي هو قانون عمومي مشترك بين جميع الناس"، ديوجين لارتيوس: مختصر ترجمة مشاهير قدماء الفلاسفة ، ص183.
11- في الألعاب الأولمبية عام 161، قرر الفيلسوف السنيكي بيركرينوس إحراق نفسه حتى الموت، فأفاد على لسان لوكين قائلا:"رغب بيركرينوس أن يقدم هبة ذهبية عن الحياة الذهبية، وخصوصا لواحد عاش كهركليس، وسوف يموت مثل هركليس، ويتطلع إلى أن يمتزج مع الأثير، وأنا أرغب (كما يقول) أن أنفع البشر، من خلال توفير لهم الطريق الذي أهزم الموت فيه. ولذلك فإن في مستطاع جميع البشر أن يلعبوا البطل في شخصية هركليس الخاصة بي"، محمد الجلوب الفرحان: تاريخ المدرسة الفلسفية الكلبية بعد الميلاد (الحلقة الثالثة)، فلاسفة المرسة الكلبية في القرن الثاني الميلادي،https://drmfarhan.wordpress.com/2013/04/02/المدرسة-الكلبية-فلسفة-وفلاسفة.
12- يقول ميشيل فوكو:"إن مذهب الكلبيين (Cyniques) وسلوكهم يوليان التدريب أهمية كبيرة جدا، إلى حد أن الحياة الكلبية قد تبدو بأسرها كنوع من التدريب المستمر. لقد أراد ديوجين أن يُدرب الجسد والروح معا: فكل من التدريبين "عاجز بدون الآخر، ذاك أن الصحة الجيدة والقوة ليستا أقل فائدة من البقية، إذ إن ما يعني الجسد يعني الروح معا". فالتدريب هو في وقت واحد ارتجاع إلى الطبيعة وانتصار على النفس وادّخار طبيعي لحياة مكوّنة من إشباعات حقيقية. فقد قال ديوجين:"لا يسعنا أن نفعل شيئا في الحياة بدون تدريب، والتدريب يسمح للناس بالتغلب على كل شيء... بإهمالنا الآلام التافهة التي نسببها لأنفسنا، بتدّربنا وفقا للطبيعة، يمكننا وينبغي علينا أن نعيش سعداء... إن ازدراء اللذة نفسه يكسبنا الكثير من الإرتياح، إذا كنا نتدرّب. إذا كان الذين اعتادوا على العيش في اللذات يتألمون عندما يضطرون لتغيير حياتهم، فإن الذين يتدربوا على تحمل الأشياء الشاقة يزدرون اللذات بسهولة"، ميشيل فوكو: استعمال اللذات، مركز الإنماء القومي، ترجمة جورج أبي صالح، تقديم مطاع صفدي، بيروت-لبنان، 1991، ص51 و52.
13- ميشيل فوكو: الإنهمام بالذات، جمالية الوجود وجرأة قول الحقيقة، تقديم وترجمة محمد ازويتة، أفريقيا الشرق، الدار البيضاء-المغرب، 2015، ص101.
14- يقول بيركرينوس:"الإنسان الحكيم لا يرتكب الخطيئة، وحتى إذا كان عارفا لا يراقبه أحد سواء كانوا آلهة أو بشر. ولذلك كان مؤمنا بأنه مطلوب من البشر أن يتطهروا من ذنوبهم وخطاياهم، وليس من خلال الخوف من العقوبة والعار، وإنما من خلال حب العدالة والأمانة، ومن خلال الشعور بالواجب"، محمد جلوب الفرحان: المدرسة الكلبية، فلسفة وفلاسفة، فلاسفة المدرسة الكلبية في القرن الثاني الميلادي.
https://drmfarhan.wordpress.com/2013/04/02/المدرسة-الكلبية-فلسفة-وفلاسفة.
15- محمد جلوب الفرحان: المدرسة الكلبية، فلسفة وفلاسفة: تقديم: بحث في الإصطلاح
https://drmfarhan.wordpress.com/2013/04/02/المدرسة-الكلبية-فلسفة-وفلاسفة
يقول ميشيل فوكو: »في معرض الإتهامات الموجّهة إلى سقراط، يحرص زينوفون على تمييز تعليمه عن تعليم الفلاسفة -أو "الفلاسفة المزعومين"- الذين يرون أنه ليس بوسع الإنسان أن يصبح جائرا ومستهترا عندما يتعلم ماذا يعني أن يكون المرء عادلا ومعتدلا. فزينوفون، مثل سقراط، يعارض هذه النظرية: إذا لم يدرّب المرء جسمه، فهو لا يستطيع أن يؤدّي وظائف الجسد [Ta Tou Sōmatos Ergal] ؛ كذلك، إذا لم يروّض روحه، فهو لا يستطيع أن يؤدي وظائف النفس: ويكون حينئد عاجزا عن "القيام بما يجب فعله والإمتناع عمّا يجب تجنبه«، ميشيل فوكو: استعمال اللذات، ص51.
ادريس شرود: باحث مهتم بالفكر والفلسفة. نشرت مجموعة مقالات:
-على صفحات جرائد مغربية: المنظمة، الميدان.
- في مجلة فكر ونقد:
- إشكالية الكتابة والقراءة في كتاب: "ميثولوجيا الواقع" للأستاذ عبد السلام بنعبد العالي.
- قراءة في كتاب:"الفكر في عصر التقنية" للأستاذ عبد السلام بنعبد العالي.
- الموروث الأخلاقي اليوناني وامتداداته في الثقافة العربية: خلاصات واستنتاجات. قراءة في كتاب "العقل الأخلاقي" الجزء الرابع من نقد العقل العربي.
- في موقع الأوان: إمرسون والإغريق.
- مارتن لوثر في عيون نيتشه وهاشم صالح.
- الفلسفة فنا للعيش: في إمكانية العودة والتكرار.
- في موقع أنفاس من أجل الثقافة والإنسان(تسعة وعشرون مقالة)، وإليك لائحة العناوين:
- دولوز وسؤال الديمقراطية.
- جمالية الفرد المبدع : التفكير في الحياة على نحو آخر.
- سؤال الرغبة والمتعة في التجارب الفلسفية الجديدة بالمغرب : تجربة عبد الصمد الكباص وحسن أوزال.
- جمالية الفرد المبدع : التفكير في الحياة على نحو آخر.
- مهمة الفلسفة: مقاومة البلاهة والفظاعة.
- العقل وخلود النفس بين أونامونو وسبينوزا من خلال كتاب: " الشعور المأساوي بالحياة.
- دولوز وفن الرواية.
- مفهوم الجسد وانفعالاته في فلسفة سبينوزا.
- مواقف من الترجمة.
- سلافوي جيجيك والميثاق الليبرالي.
- نيتشه والإنسان الأخير: نحو تجاوز ممكن.
- الوجود المشروع في عصر الإمبراطوية.
- الإيتيقا بين فوكو ودولوز.
- من فكرة الرغبة في الاعتراف إلى مفهومي التلاقي والصيرورة.
- الوجود مع العالم أو كيف نبني جسدا إيتيقيا؟.
- صورة الكاهن في فلسفة نيتشه.
- فوكو ومفهوم السلطة الرعوية : الأصول والإمتدادات.
- في الزهد الفلسفي ونقد المثال الزهدي : الرهان حول الحقيقية.
- مفهوم "الإهتمام بالنفس" وأسئلة الحاضر :رهان فوكو على الفلسفة الهلنيستية.
- متاهات العودة إلى الماضي : محاولة في تأصيل الوجود مع العالم.
- جيل دولوز: ماذا تبقى للفن في عصر التواصل؟.
- كلمة دولوز: "كل حيوان له عالم".
- معنى أن تصير سينيكيا؟.
- من الصيرورة الإرتكاسية إلى الصيرورة الفاعلة : فــي نقـــد العبوديـــــة المعاصــــرة.
- الجسد بين فوكو ودولوز: من الإنضباط إلى المراقبة.
- مفهوم الصداقة في فلسفة جيل دولوز : شيء من الفكر.
- دولوز: الرغبة كتوليف.
- سبينوزا فيلسوف الفرح.
- فوكو ومفهوم التحول إلى النفس عند المسيحيين: بحث في طريقة الوجود المسيحية.
- فوكو و"اللحظة الديكارتية": تساؤلات حول "معرفة النفس" و"الاهتمام بالذات".